د. صفير: «يمكن الشفاء من «السكوليوز» إذا إكتُشِف باكراً
ماري الأشقر
Saturday, 09-May-2015 00:00
نشرت إحدى المؤسسات الطبية الأوروبية إحصائية عن ارتفاع نسبة الإعاقات الجسدية المتعلِّقة بالعمود الفقري، ولعلّ المشكلة الصحّية الأهم والتي نادراً ما يتنبّه اليها الاهل، هي إعوجاج العمود الفقري أو «السكوليوز». «الجمهورية» حاورت الدكتور الياس سعيد صفير الذي أفادنا بالمعلومات التالية.
• ما هو اعوجاج العمود الفقري، وكيف يمكن اكتشافه؟

- يوجد نوعان من اعوجاج العمود الفقري:

أ - الـCyphose، وهو اعوجاج إلى الأمام خصوصاً في المنطقة العليا من الجسد أيْ في الفقرات الصدرية العليا يرافقه تجويف متزايد في الفقرات القطنية Vertèbres lombraires وتتمثل عوارض الـCyphose بانحناء الكتفين معاً وحدبة في الظهر.

ب - الـScoliose أو داء الجنف وهو عبارة عن اعوجاج جانب من العمود الفقري الى جهة اليسار او اليمين، وعندما يتفاقم، غالباً ما يتكوّن من اعوجاجَين أو ثلاثة تتابع يساراً ويميناً: وهو أكثر أنواع الاعوجاجات الفقرية ضرراً، وتتمثل عوارض الـScoliose بآلام وحدبة في الظهر الى جانب ظهور كتف اعلى من الآخر. وفي غالبية الاحيان يتمّ اكتشاف الـScoliose بعد استشارة طبية كان الهدف منها معالجة عوارض الـCyphose.

الـCyphoscoliose: وهو ما يجمع بين عوارض الـCyphose والـScoliose في آن واحد. ويبقى اكتشاف هذا المرض دورياً ومن دون سبب عند معاناتنا اوجاعاً مبرحة تلفت انتباهنا، وفي حال شكا الطفل من وجع في الظهر، فإننا كثيراً ما نعزو السبب الى إرهاق ناتج عن اللعب او ما شابه ذلك. علماً أنّ ظهور الوجع بشكل لافت يحدّد طبّياً تفاقم العلة وتطوّرها.

هل يستطيع الأهل اكتشاف اعوجاج العمود الفقري، وكيف يمكن ذلك؟

- طبعاً، بتثقيف الأهل طبّياً يمكن تفادي امراض ومشكلات صحية مختلفة عند الأولاد. وفي حادث اعوجاج العمود الفقري يطلب الأهل من ولدهم الكشف عن ظهره. والوقوف أمامهم ضاغطاً الركبتين إلى الوراء، ومن ثمّ الانحناء الى الأمام لمراقبة عضلات الظهر من جهتَي العمود الفقري.

- إذا كان هناك جهة مرتفعة اكثر من الاخرى.

- إذا لم تكن نتوءات الفقرات Vertèbres dorsales من الرأس إلى الأسفل في خط مستقيم، وندرك ذلك بمجرد تمرير اصابعنا على هذه النتوءات بشكل عامودي.

- إذا كان احد الكتفين أعلى من الآخر.

- اذا كان أحد ثدْيَي الفتاة أكبر حجماً من الآخر.

- اذا كانت النتوءات ظاهرة في احدى جهتي القفص الصدري Cage Thoracique.

- اذا كان هناك قصر في إحدى القدمين، واحدة أطول من الأخرى.

وهذا الأمر ناتج عن ارتفاع الحوضElevation du bassin عن ظهور الإعوجاج الفقري، وتشكل كلّ واحدة من هذه الإشارات، اذا ظهرت، سبباً كافياً لاستشارة طبيب اختصاصي في العظام والمفاصل، او في الطب الفيزيائي او في جراحة العمود الفقري وذلك للقيام بالتشخيص السليم وإجراء صوَر الاشعة اللازمة والتأكد بالتالي من وجود «السكوليوز» او عدم وجوده.

• هل ينتمي المصابون بداء الجنف Scoliose الى فئة معيّنة؟

- إنّ هذا المرض لا يفرّق بين ابن الغني وابن الفقير، وبين المثقف والجاهل، فهو يصيب الأطفال والأحداث من كلّ الفئات. غير أننا نلاحظ بأنّ المثقفين يكتشفون عادة المرض عند اولادهم قبل غيرهم. ويبقى الاحداث معرضين للاصابة بهذا المرض حتى سنّ البلوغ. واللافت للنظر أنّ هذا المرض يصيب الاناث بمعدل 20 في المئة وذلك بحسب أبحاث احصائيات عالمية - وأنّ معظم الاصابات بداء الجنف تكون في عمر الدراسة.

• كيف يمكن تصنيف هذاالخلل او المرض؟

- يصنّف الـ Scoliose في مرتبَتين:

Scoliose Cytogénétique في هذه الحالة يُصاب الطفل بالـ Scoliose منذ الولادة بسبب عدم اكتمال نموّ واحدة من الفقرات او اكثر، او بسبب نقص احدى الفقرات او اكثر، ذلك بسبب الاصابة بمرض شلل الاطفال او الشلل الدماغي.

Scoliose idiopatique وهو الـ Scoliose غير المعروف السبب أيْ انّ الطفل يولد طبيعياً وينمو كذلك، وفجأة نكتشف عنده الـ Scoliose من دون أيّ انذار مسبق. والاطفال المصابون بالـ Scoliose في معظمهم لم يكتشف الطبيب حالتهم عند الولادة. وانما الأم وفي اعمار تراوح بين سنتين و5 سنوات.

- الاطفال المصابون بأمراض الشلل في معظمهم لم يتلقوا أيّ وقاية للعمود الفقري، إذ تبيّن انّه حتى عمر الـ10 سنوات كانوا يحملون في حقيبة المدرسة اكثر من 40% من ثقل أجسادهم والمسموح به 10% فقط وهذا ما يسّبب الانحناء الى الجهة المقابلة لنقل الحقيبة المدرسية لاجراء توازن في اجسادهم وهكذا على مدار سنيّ الدراسة، وهذا وحده يسبّب اعوجاجاً في العمود الفقري.

- أضف الى ذلك كيفية جلوس الطفل في مقعد الدراسة. إنّ المدارس في غالبيتها لديها مقعد بقياس واحد لمجمل التلاميذ فبعضهم جسده أصغر من أن يصل الى الطاولة ليكتب او يقرأ لذا عليه أن يتسلّقها. والآخر جسده اكبر من أن يدخل المقعد فعليه أن يحشر نفسه داخله.

والاثنان لا يستطيعان أن يستريحا في جلستيهما وذلك لمدة 7 ساعات يومياً خلال سنيّ الدراسة وعددها 12 او 13 سنة. هذه الوضعية الخطأ في الجلوس يحملها الطفل الى منزله ومستقبلاً تصبح عادة يصعب التخلّي عنها وهي ايضاً تؤدي الى اعوجاج العمود الفقري.

أما بالنسبة الى البرامج الرياضية فمجمل المدارس ليس لديها برامج رياضية مدروسة وتعتبر ساعة الرياضة بمثابة استراحة. وعندما تكون اجبارية تقتصر على الركض وتمرير الكرة ويقتصر اللعب الفعلي على عدد معيّن من تلامذة الصف وأما الباقون فلا دور لهم ولم نقع في المدارس على برنامج رياضيّ معيّن يهتم بتليين العمود الفقري وتقوية عضلاته مثل الايروبيك والتمطط Stretching.

وانما في بعض المدارس الخاصة تعتبر بمثابة دروس اضافية يُدفَع ثمنها ما يحول دون ممارسة جميع الظلاب مثل هذه الرياضات الضرورية والملحة والتي لا تدخل في البرامج الدراسية.

اما في المنازل والعطل فلا يزاول الطفل أيّ نشاطات رياضية ولا سيما في يومنا هذا، حيث نادراً ما يكون عنده هواية رياضية يمارسها بشغف ويقتصر اهتمامه على الحاسوب (كومبيوتر) ومشاهدة التلفزيون ما يصيب عضلاته بالترهل والضعف.

• ما هي طرق معالجة الـ Scoliose؟

- العلاج التقويمي بواسطة الكورسيه Corset وهو عبارة عن مشدّ يترافق وضعه مع العلاج الفيزيائي (Physiothérapie).

2 - الجراحة

3 - العلاج الوقائي وبعكس ما يدّعي الآخرون ويؤكد عليه الطبّ الحديث وهو أنّ السكوليوز مرض يمكن الشفاء منه ومعالجته اذا اكتُشف باكراً أيْ اذا ما بين الـ6 و12 عاماً على أن لا يتعدّى الاعوجاج 20 درجة.

• ما دور أولياء المرضى في المساعدة في تجنّب هذا المرض؟ وهل للمريض نفسه دور في ذلك؟

- بما أنّ الـ Scoliose يمكن أن يكون وراثياً، أيْ أنّه في حال معاناة الأم أو الأب من الاعوجاج سيكون الابن او الابنة عرضة لهذا المرض، لذلك دور الاهل مهمّ جداً ويقوم على:

أخذ الطفل الى الطبيب الإختصاصي في جراحة العظام بطريقة دورية، مرّة في السنة للكشف عليه والتأكد من عدم تعرضه لاعوجاج العمود الفقري والأطراف بين عمر 3 و14 سنة.

- اهتمام الأهل بتشجيع اولادهم على ممارسة الرياضة بشكل منتظم خارج دوام المدرسة.

- عدم محاولة إخفاء هذا المرض والاسراع في علاجه وعند ملاحظة عدم جدوى العلاج عليهم البحث عن طبيب او اختصاصي آخر بغية عدم إهدار الوقت سدى والذي هو أثمن من كلّ شيء في مراحل العلاج.

- إجبار الطفل على إتمام العلاج على افضل وجه وخصوصاً الحركات الفيزيائية التي تكون يومية وحتى بلوغ سنّ اكتمال النموّ.

• ما دور الدولة خصوصاً والمجتمع عموماً في المساعدة على تجنّب مرض الـ Scoliose؟

- يكون المجتمع أو الدولة ناجحين ومتقدمين في حال توزعت الادوار والمسؤوليات وتسابق الجميع على القيام بها بمسؤولية ووعي وعلى افضل وجه.

لو كان داء الجنف او Scoliose مُعدِياً لتسابق الجميع على الاهتمام بإيجاد اجدى الحلول له وعزل المرضى وايجاد مستشفيات خاصة بهم.
وأمّا دور الدولة او بالاحرى واجبها تجاه هذا المرض فيقوم على:

ايجاد خطة تربية رياضية بدنية مبنية على اسس علمية بحيث لا تتحوّل ساعة الرياضة الى ساعة استراحة ولهو في معظم المدارس وإدخال مشروع رياضة الحركة المتخصّصة (رياضة الركض) الى برامجها والتي تنمّي العضلات وتريحها من التشنّج الذي يصيبها جراء الواجبات اليومية.

- تغيير البرامج الدراسية بحيث يُراعى عدد وكمّ الكتب الذي يحمله التلميذ الصغير يومياً. إنّ ثقل وزن الحقيبة المدرسية بالنسبة لعمر الطفل هو السبب الاساس لهذا المرض.

- وضع مراقبة فعالة تحظّر رداءة مقاعد الدراسة لعدم ملاءمتها حجمَ الطفل فإمّا أن تكون كبيرة او صغيرة ما يضطره الى الجلوس بوضعية غير صحيحة لمدة 9 اشهر في السنة وبالتالي يسبّب له الاعوجاج.

2 - دور المجتمع بشكل عام هو دور اساس في محاربة هذا المرض وتجنّب الاصابة به ويتلخّص بالتالي:

- قبول الاطفال المصابين به وعدم اشعارهم بأنهم معاقون وتشجيعهم على المثابرة في العلاج بتسهيل الامور الحياتية واليومية عليهم وعدم اظهار الشفقة نحوهم.

- إيصال المعلومات المفيدة عن هذا المرض الى الآخرين بتواتر واثناء احاديثهم اليومية للفت انتباه الاهل الى انه من الممكن أن يكون أحد أولادهم معرّضاً للاصابة وإثارة فضولهم للتأكد من ذلك.

- المساهمة المادية من الميسورين في تغطية العلاج.

- تشجيع المراكز التي تجري ابحاثاً في هذا المجال لانه لا جدوى من تطبيق الابحاث الاجنبية بحذافيرها على اطفال لهم ثقافتهم وعاداتهم المختلفة كلياً عن الغرب. فنحن بحاجة الى علاج مُجْدٍ تتقبّله الأسرة.
الأكثر قراءة